الخميس، 4 يونيو 2015

المستثمرون العرب والأجانب .. نظرة تفاؤل

جريدة الاخبار - 4/6/2015

سافرت إلي دبي لإلقاء كلمة عن فرص الاستثمار في مصر، وقد تلقيت هذه الدعوة من أحد البنوك التجارية العالمية، وكان المدعوون الرؤساء التنفيذيين والمديرين الماليين لكبري الشركات العالمية، وصناديق الاستثمار المباشر.

وكان الانطباع العام لديّ أن المستثمرين الأجانب والعرب ينظرون إلي المستقبل في مصر بشكل إيجابي وبنظرة أكثر تفاؤلاً منّا نحن المصريين، وأن مصر لا تزال محطا للاهتمام الحقيقي. وكان لدي الجميع تساؤلات كثيرة كان أهمها: هل تري رغم كل التحديات أنه لا تزال هناك فرص حقيقية للاستثمار؟ وكانت إجابتي أن مصر رغم كل شيء لا تزال الدولة رقم (1) المؤهلة للنمو والقدرة علي جذب الاستثمار في العالم العربي، وأننا لو أحسنّا إدارة مواردنا وعملنا علي الإصلاح المؤسسي بشكل أكثر جدية فسنكون من أقوي 30 اقتصاداً علي مستوي العالم بحلول عام 2030، أي في أقل من خمسة عشر عاماً. هذا حلم قابل للتحول إلي واقع، وإنني أدرك التحديات ومنها سوء الحالة الإدارية للدولة والبيروقراطية وتردي كفاءة العمالة ومشكلات الطاقة ومع ذلك فإن لدينا كافة المقومات لتحقيق الحلم. فهناك تنوع في الأنشطة الاقتصادية في مصر غير متوافر في أي مكان آخر، فهناك مقومات لتطوير النشاط الصناعي بكافة صوره، ونشاط الخدمات، وقطاع الاتصالات، والبنية الأساسية، والتنمية الزراعية، ونشاط التعدين، والتنمية العقارية، والنشاط السياحي... إلخ.



ولا يزال هناك سوق قابل للنمو واستيعاب كافة المنتجات، وقادر علي التصدير. وحتي هذه اللحظة لم نستغل الموقع الجغرافي لمصر، وقناة السويس، وموانينا البحرية التي تجعل من مصر مركزاً حيوياً للتجارة العالمية، وتفتح أمام العالم الأسواق في كل القارات.

ورغم كل المخاطر السياسية والقانونية التي تحيق بالاستثمار في مصر، فلا يزال عائد الاستثمار من أعلي العوائد، وهو ما يجعل مصر مركزاً مهماً لجذب الاستثمار.

من الأسئلة التي طرحها المستثمرون كذلك؛ إلي متي ستظل الحكومة تفرض قيوداً علي تحويل الأرباح والعملة الأجنبية إلي الخارج؟ وكان ردي أنه لا توجد أية قيود قانونية علي تحويل الأرباح إلي الخارج، ولا توجد أي موانع قانونية تحدّ من حق الأجانب في تحويل أرباحهم أو أموالهم إلي عملة أجنبية وتحويلها إلي الخارج، ولكن الصعوبات عملية نتيجة عدم توافر سيولة من النقد الأجنبي وشُح العملة، وهو ما يأخذ وقتاً حتي يتم توفير العملة ليضطر المستثمر إلي الوقوف في الطابور. وهي أزمة طارئة، وسبق أن تعرضت مصر عام 2003 لأزمة مشابهة وكانت أكثر قسوة وأنه بمجرد تحسن الوضع الاقتصادي بنهاية 2004 وتدفق الاستثمار وتوافر السيولة النقدية انتهت المشكلة. وقلت إنه في ظل ثورتين متتاليتين لم يمنع أجنبي أو مصري من تحويل أمواله إلي خارج مصر، وقلت إن لديّ قناعة أنه لن يمنع أحد في المستقبل من ذلك. ولكن ما نتعرض له سيزول بتحسن الوضع الاقتصادي، وقلت إن هذه الأزمة في رأيي ستزول في أقل من عام من الآن.

ومن الأسئلة التي لاتزال تحيّر كثيرا من المستثمرين والشركات العالمية العاملة في مجال التجارة الدولية؛ هو سياسات البنك المركزي بشأن وضع حد أقصي علي الإيداع بالبنوك بالعملة الأجنبية، وعدم توفير العملة الأجنبية بالبنوك لكثير من الأنشطة باعتبارها ليست من الأنشطة الاقتصادية ذات الأولوية. وقد أثر ذلك سلباً علي كثير من القطاعات - ومنها استيراد السيارات - إلي الحد الذي توقف معه وكلاء شركة مرسيدس عن الاستيراد، وهذه مسألة مختلفة عن توقف مرسيدس ذاتها عن الإنتاج في مصر.

وكان ردي باختصار، أن سياسة البنك المركزي في هذا الشأن كانت تستهدف في المقام الأول محاصرة السوق السوداء، إلا أن تبعية هذه السياسات أرهقت كافة القطاعات، وأثرت سلباً علي العديد من المصانع وقدرتها علي الإنتاج، بما فيها مصانع قطاع الأعمال العام، كما حدث مع الشركة الشرقية للدخان، علي الرغم من أن عوائدها لا تقل عن 75% من إجمالي أرباح شركات قطاع الأعمال العام مجتمعة. وفي رأيي أن البنك المركزي سيبدأ تدريجياً في التخفيف من حدة الآثار السلبية خلال الشهور الثلاثة القادمة، فالطريقة الوحيدة الممكنة للقضاء علي السوق السوداء هو تغيير العملة الأجنبية من خلال البنوك. فطالما يوجد عجز في العملة لدي البنوك فسيوجد سوق سوداء، وطالما يوجد سعران لأي سلعة أو خدمة - سعر حقيقي وسعر غير حقيقي- فسيكون هناك سوق سوداء.

ومن الأمور التي لاتزال محيرة، هو ما يتعلق بأزمة الضريبة علي البورصة، وشرحت التفاصيل التي أحاطت بهذا الأمر، ولي رجاء عند الحكومة أن تدرس الأمر بشكل احترافيي، وأن تستعين بأصحاب الخبرة قبل إصدار القانون الخاص بوقف ضريبة الأرباح الرأسمالية بالبورصة لمدة عامين. فقد أزعجتني بعض التصريحات المنسوبة لوزير الاستثمار - التي أتمني أن تكون غير صحيحة - عن نية الحكومة في عدم سداد ما تم تحصيله تحت حساب الضريبة من الأجانب خلال الفترة من صدور القانون بالضريبة وحتي صدور القانون بوقف الضريبة... هذا كلام غير قانوني، فما تم تحصيله كان تحت حساب الضريبة، وبأي منطق تحصّل الحكومة ضريبة من الأجانب فقط دون المصريين علي نفس المعاملة؟ رجاء تعاملوا مع الأمر بحذر.
خلاصة رحلتي القصيرة وحواري مع المستثمرين العرب والأجانب علي حد سواء أن الجميع يتطلع إلي الولاية الأولي للرئيس السيسي في الجمهورية الرابعة بتفاؤل وأمل وثقة نحو تحقيق التنمية والنمو. اللينك
استمع الي المقال عبر منصة اقرأ لي.. اللينك 

0 التعليقات:

إرسال تعليق