الخميس، 22 أكتوبر 2015

الاستثمار الأمثل لأراضي الدولة في القاهرة والإسكندرية

جريدة الاخبار - 22/10/2015


 من العقارات غير المستغلة فندق كونتيننتال التابع لوزارة الاستثمار، وهو يشغل مساحة 12 الف متر مربع بميدان العتبة، فلا شك ان هذه المساحة يمكن استغلالها بشكل أفضل

أتقابل بشكل دوري مع عدد من الأصدقاء من خلفيات مهنية وعملية متنوعة، ونتبادل الأفكار والتحليل للمشكلات التي تواجهها مصر في شتي النواحي، ويضع بعضنا أفكاراً مكتوبة لمواجهة مشاكلنا. ووثّق بعض الأصدقاء علي مدي السنوات المختلفة آراءهم، ووضع بعضهم هذه الأفكار في شكل سياسات مكتوبة بل ودراسات مستفيضة. وبدأ يتكون لديّ علي مر السنوات بنك للأفكار، وكلما سنحت الفرصة نعرض هذه الأفكار، لعل وعسي. ولا أُخفي عليكم أن معظم هذه المقترحات علي مدار السنوات تم تقديمها لكافة الحكومات المتعاقبة دون جدوي.

ومن الأفكار الجديرة بالمناقشة دراسة مبدئية طرحها المهندس/ مدحت أبو زيد وهو من الخبراء المعماريين المعتبرين والمهمومين بمشكلات بلده، وركز في كل ما يقوم به علي البعد التنموي والبشري وليس الجانب الإسمنتي. فهو مؤمن بأن المباني والمنشآت مهما بلغ حجمها وجمالها لن تحقق التنمية. هذه الدراسة تتصل بتحديد أهم الأراضي المتبقية في القاهرة والإسكندرية لدي الحكومة والهيئات التابعة لها، والطريقة المثلي لاستثمارها. وتقوم الدراسة علي مبادئ ثلاثة أساسية، أمكنني استخلاصها من الرسومات والتصميمات والأفكار الواردة بها.


المبدأ الأول: هو تحويل أصول غير منتجة إلي أصول منتجة تدر عائدا وتعظم دخل الدولة وتواجه العجز في الموارد. المبدأ الثاني: المحافظة علي حقوق الأجيال القادمة، وهو مسئولية أخلاقية، فلا تعتمد الدراسة علي بيع الأصول وتسييل قيمتها أياً كان استخدامها، بل المحافظة علي الأصول المنتجة واستمرار إنتاجيتها وتعاظم قيمتها وعوائدها للأجيال الحالية والمستقبلية علي حد سواء. المبدأ الثالث: مراعاة البعد التنموي والاجتماعي في سياسات الدولة، بحيث يتم استغلال بعض المساحات للاستثمار العقاري علي أن يتم استغلال العائد في مشروعات ذات طابع اجتماعي وتمثل إضافة إلي التنمية الشاملة.

ولقد كان من أهم الأسباب التي جعلت للخصخصة سمعة سيئة هو عدم وضوح استخدام العائد للمصلحة العامة. ففي فرنسا علي سبيل المثال فإن القانون المنظم لعملية الخصخصة نص منذ اللحظة الأولي علي إنشاء صندوق تئول إليه عوائد البيع لاستخدامها في أغراض اجتماعية وتنموية واضحة، واستثمارات عامة ذات عائد اجتماعي، ويصدر الصندوق تقريرا دوريا عن أعماله لكي يعرف عموم الناس أين ذهبت أموالهم، وللتحقق من أنها تم استغلالها الاستغلال الأمثل لصالحهم.

ووفقاً للدراسة المذكورة فإن من العقارات غير المستغلة فندق كونتيننتال التابع لوزارة الاستثمار، وهو يشغل مساحة 12 ألف متر مربع بميدان العتبة، فلا شك أن هذه المساحة يمكن استغلالها بشكل أفضل، ويكون بداية لإعادة تجميل وتطوير القاهرة الخديوية، فليس من المعقول ألا يستغل هذا الموقع وهذه المساحة بشكل يدرّ عائداً سنوياً للدولة، وبشكل يعيد القاهرة الخديوية لوجهها الحضاري الجميل. الدراسة أيضاً تعرضت لمسرح البالون والسيرك القومي بالعجوزة، وموقعهما المتميز علي النيل، فإجمالي مساحتهما معاً تبلغ حوالي اثنين وعشرين ألفا وخمسمائة متر مربع، ولا شك أن استغلال هذه المساحة في هذا الموقع بهذا الشكل إهدار لموقع متميز يمكن استخدامه بشكل أفضل لأغراض سياحية وتجارية وإدارية. ولا يعني هذا إلغاء المسرح والسيرك، ولكن لماذا لا يتم نقلهما إلي منطقة مطار إمبابة كجزء من مدينة ثقافية متكاملة. لنقلهما إلي أرض مطار إمبابة أيضاً أهمية، فهو يساهم في نقلة حضارية لهذه المنطقة وتطويرها. وما هو مقترح في هذه الدراسة ليس بدعة، فمن يتابع التطور العمراني لمدينة لندن، وما يحدث الآن في مناطقها الفقيرة من تحول كما حصل في منطقة «كناري وولف»، وما يحدث الآن في شرق لندن من تطوير ثقافي وحضاري وعمراني سيعلم لا محالة أننا لا نخترع العجلة بهذا الاقتراح.

التطوير العمراني والاستغلال التجاري يجب أن يكون لتغيير حياة الناس للأفضل، ولا شك أننا حين نتحدث عن الاستغلال التجاري والإداري، فإن ذلك لا يعني بيع أراض لإقامة أبراج خرسانية بل يجب أن يكون لها شكل حضاري وثقافي يراعي الازدحام، ويجب ألا نقصر الاستغلال علي البيع بل يجب أن تكون هناك فنادق مملوكة للدولة تديرها شركات عالمية، وشقق فندقية، ومباني إدارية متكاملة وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص تضمن عائداً سنوياً مستمراً، وتستخدم هذه العوائد لتطوير الخدمات التعليمية والصحية والسكن الاجتماعي.

أرض الحزب الوطني البالغ مساحتها 22 ألف متر مربع، وكذلك مجمع التحرير كلها مبان وأراض في أفضل المواقع المتبقية في القاهرة، نسيء استغلالها واستخدامها.. مثال آخر تشير إليه الدراسة، فمحطة تنقية شبرا الخيمة تقع علي أجمل بقاع النيل، وعلي مساحة قدرها 45.800 ألف متر مربع، يمكن نقلها. قصر البارون؛ لماذا لا يتم تحويله إلي متحف حقيقي وليكن متحف توت عنخ آمون، فهذا الفرعون يحتاج لكي يكون له قصره الجميل، ويمكن لأغراض السياحة توظيف حديقة القصر الهائلة. والأمثلة عديدة منها أرض المعارض بشارع صلاح سالم، وأرض كلية الزراعة بجامعة القاهرة وتبلغ 530 ألف متر مربع، والحديقة الدولية. والأمثلة متكررة في الإسكندرية مثال واحد أرض كارفور في مدخل الإسكندرية لا تزال أرضا صحراوية غير مستغلة، ومساحتها حوالي 2 مليون متر مربع تمثل امتداداً طبيعياً لمدينة الإسكندرية المكتظة بالسكان.. إن الاستغلال الأمثل لهذه الأراضي وبيعها ربما يحقق لخزانة الدولة علي مدار العشر سنوات القادمة ما لا يقل بأي حال عن خمسمائة مليار جنيه، أرجو من رئيس الوزراء أن يطلب هذه الدراسة، ويبدأ في تحويل أحلامها إلي واقع.

المرحلة الأولي من انتخابات مجلس النواب:

الناس منزعجة من نسب الإقبال المنخفضة علي الانتخابات. وأذكركم بأننا أجرينا (4) انتخابات و(3) استفتاءات منذ ثورة يناير 2011. أعلاها حضوراً كانت انتخابات مجلس شعب 2012 بنسبة 54.2%، وأقلها حضوراً كانت انتخابات مجلس الشوري 2012، وكانت نسبة الحضور حوالي 12.9%. استفتاء دستور 2013 علي الرغم من خطورته والحشد الكبير لم تزد فيه نسبة الحضور عن 38.6%
الشعب المصري ذكي، وليس غبياً أو كسولاً كما يتهمه البعض، بل هو أذكي من النخب الثقافية. ربما ستعلو النسب في النهاية عن انتخابات مجلس الشوري لسنة 2012. وللشعب أسبابه في العزوف، فهناك نسبة لا تقل عن 40% أو أكثر غير مكترثة بالعمل السياسي، وهم ما نسميهم بحزب الكنبة، وهم تحركوا فقط عند إحساسهم بالخطر الإخواني، فكان لهم دور إيجابي في استفتاء دستور 2013 و2014، حيث بلغت نسبة التصويت 38.6% و47.45%. وأما قد زال الخطر - من وجهة نظرهم - أو زالت حالة الضرورة - من وجهة نظرهم أيضاً - فقد عادت ريما لعادتها القديمة. فهم الآن مطمئنون إلي أن الأمور عادت للاستقرار، ومؤيدين للرئيس السيسي، ويرون أن دفة السفينة في أيدٍ أمينة. وهناك مجموعة أخري أكثر اهتماماً بالوضع السياسي، قد تصل نسبتهم إلي 20% من الناخبين، وهي غير راضية عن الأوضاع السياسية وعن مسار الإصلاح المؤسسي والاقتصادي، فكانت مقاطعتها التصويت رسالة يجب أن تُسمع. وهناك نسبة أخري امتنعت لأنها لم تقتنع بالمرشحين، ولم تصل إليهم برامجهم -أوهي غير موجودة بالأساس، فحالت ضمائرهم دون أن يصوتوا إتباعاً لقاعدة «أحسن الوحشين».

الشعب المصري لديه وعي سياسي، وغيابه عن التصويت يجب أن ننظر إليه علي اعتبار أنه رسالة إلي حكامه، يجب قراءتها بعناية وتحليلها، بعضها إيجابي من خلال «التأييد السلبي»، وعلينا أن نحوله إلي تأييد إيجابي، وبعضها «اعتراض سلبي» علينا أن نعيه ونُعيره انتباهاً لأن له وجاهته ومبرراته. اللينك
استمع الي المقال عبر منصة اقرأ لي.. اللينك

0 التعليقات:

إرسال تعليق