الثلاثاء، 20 مايو 2014

ذكرياتى وتجربتى (1)

برنامج "زيارة لمكتبة فلان" اذاعة البرنامج العام - 20/5/2014


شريط من الذكريات يمر امام عينى الان والعودة قليلا إلى الخلف لنتذكر مشاهد مرت من العمر لها مذاق خاص إذ نجد هناك فى هذا الماضى القريب أحلام حققناها وأحلاماً أخفقنا فيها وشخصيات أثرت فينا وشخصيات مرت مرور الكرام، هذه العودة أخذتنى إليها الأعلامية نادية صالح عندما قدمت لى فرصة التذكر والبعد عن الزخم السياسى والمشاكل الأقتصادية التى تكون عادة محور لقائتى الحوارية فى الاعلام من خلال برنامجها الأذاعى الشهير
"زيارة لمكتبة فلان ".

نسيت أننى فى برنامج بل كنت اشعر أننى مع صديق أستعيد معه ذكريات الطفولة والشباب وكيف أننى كنت طالبا محسوب على المتفوقين دراسيا فى كلية الحقوق التى أعتبرها من الكليات الصعبة وتحتاج الى المنطق فى الدراسة  وليس الحفظ، سألتنى نادية صالح عن سر تفوقى فى مجال الدراسات القانونية فمرت أما عيونى تجربة شخصية وكنت لم أكمل بعد العشرون عاما عندما تأخر صدور كتاب مصادر الألتزام الذى يدرس فى السنة الأولى بكلية الحقوق وهذا الكتاب يعتبر بداية القانون المدنى ويمثل عصب الدراسة فى هذا القانون، فرودانى هاجس سطير علىٌ طول الأجازة الصيفية وهو كيف لى أن أتعمق فى دراسة القانون ومبادىء القانون المدنى لم أتعمق فيها بالشكل الكافى ، وهنا قررت أن أعتمد على نفسى فعكفت على تعليم نفسى من خلال القراءة وخاصة فى أمهات الكتب مثل السنهورى باشا الذى يعتبر أبو القانون المدنى، ولا أبالغ عندما أقول أن هذه القراءات المتعمقة كان لها الفضل على فى سنوات العمل لأن دراسة القانون ليست فقط الكتب الدراسية ولكن إيضا التعمق فى كافة القراءات سواء كانت قانونية أو سياسية يزيد دراس القانون خبرة ، والقراءة تزيد الأنسان بصفة عامة قدرة على التفكير السليم وتمده بالزاد طول حياته ،وهذا الكلام ليس حديثا مرسلا لكنه حقيقية أثقلتنى فى سنوات العمل .

وحتى أكون أكثر صدقا كان لدراستى فى انجلترا تأثيرا آخر على شخصيتى حولت طريقة تفكيرى لأنى تخصصت فى الدراسات الأقتصادية وعلاقة القانون بها فدراسة القانون ليست هدفا فى حد ذاتها ولكن تشابكها مع السياسة والأقتصاد يثريها، وهذا ما حدث معى إذ درست دور القانون والتنمية الأقتصادية وقضيت فى انجلترا خمس سنوات من 1991 إلى 1996 وأنا طالب دكتوراه خطرت لىٌ فكرة عرضتها على أستاذى فى ذلك الوقت جوزيف نورتان الذى أذكره بكل خير لأنه شجعنى على تنفيذ الفكرة التى عرضتها على القسم فى ذلك الوقت وهى تخصيص قسم لطلبة الدول النامية تدرس فيه التشريعات الخاصة بهم لأن لندن عاصمة المال والأعمال عندما ندرس فيها التشريعات القانونية والأقتصادية تكون بعيدة عن هذه الدول التى لا زالت فى مراحل بعيدة عن هذا التقدم، فوافق القسم على تدريس التشريعات من وجهة نظر الدول النامية وبدأ هذا القسم بعشرين طالبا.

اليوم ولأنى أستاذ زائر فى انجلترا ارى اقبال هائل على هذا القسم الذى يفضل الطلبة من هذه الدول المرور عليه لمعرفة كيفية تنمية قدراتهم الدراسية وفق رؤية بلادهم للتشريعات القانونية الخاصة بهم ، هذا النوع من الدراسة مهد لأن تكون علاقتى بالأقتصاد وطيدة وأهلنى لرئاسة هيئة سوق المال المصرية ، والحقيقة إنى تعلمت عندما درست هذا النوع من الدراسة كيفية تحليل التشريعات من منظور إقتصادى بحت فما هو المردود الأقتصادى لفرض ضرائب جديدة مثلا ما هى القيمة الأقتصادية لهذا القرار وكيف نحصل على ايجابياته ونستبعد سلبياته لأن أصدار التشريعات بلا رؤيا ومدود إقتصادى يفرغها من مضمونها الحقيقى وهو التطوير والتقدم وهذا ما تعلمته هناك فى عاصمة المال والأعمال.

 فورة الشباب وحماسهم أخذتنى إليه نادية صالح بسؤال أعتبرته هى ملحا حول الأعتراض الدائم من الشباب وعدم قبول النصيحة ممن هم أكبر سنا منهم فعادت بى الذاكرة الى الفترة التى أثرت تفكيرى عندما كنت طالبا وكانت عمليات المصالحة فى جنوب إفريقيا بدأت من خلال نيلسون مانديلا وكان وقتها وتحديدا عام 1992 مانديلا ضيفا على الجامعة وهاجمهه الشباب بشدة عندما بدأ يتحدث رافضا المصالحة ، ولا أنسى رد فعل مانديلا عندما قال لو لم يهاجمنى الشباب لأصبحت قلقا على مستقبل جنوب إفريقيا، هذا المنطق فى التفكير كان من شاب ثائر وقضى فى السجون 30 عاما ولكنه يعلم جيدا ان الشاب لا يقبل الحلول الوسط فهو دائما لا يرضى إلا بالتغيير، وعلينا ان نتعامل مع الشباب بهذه الروح حتى لا يصطدم كل جيل بمن يليه .
استمع للحوار كاملاً على هذا اللينك

0 التعليقات:

إرسال تعليق