الخميس، 16 أبريل 2015

تحديات الاستثمار والنمو الاقتصادي في مصر بعيون الآخرين (1)


جريدة الاخبار - 16/4/2015

نحن قادرون علي تحويل أحلامنا إلي واقع إذا التزمنا بمنهج إصلاحي مدروس، وقادرون علي النجاح بأسرع مما نتصور. 

خلّف المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ أجواءً إيجابية إلي أبعد مدي، ووضع مصر بجدارة مرة أخري بقوة علي خريطة الاستثمار العالمية. ولكن لا تزال التحديات علي أرض الواقع قائمة، وعلينا أن نعمل بشكل مؤسسي لإزالتها. ولعل من أكثر الدراسات عمقاً في هذا الخصوص، التقرير الربع سنوي الذي يصدر عن مؤسسة  تحت عنوان «تقرير مخاطر التشغيل». فهذا التقرير يقيس درجة مخاطر الاستثمار في كل دولة من دول العالم، ويحلل بشكل دوري مواطن القوة والضعف في اقتصاديات الدولة المعنية. ويتسم هذا التقرير بالحيادية والمهنية الرفيعة


وأضع تحت نظر المسئولين في مصر ملخص التقرير الصادر عن الربع الأول من عام 2015 لكي نحلله، ونستفيد منه. فنحن قادرون علي تحويل أحلامنا إلي واقع إذا التزمنا بمنهج إصلاحي مدروس، وقادرون علي النجاح بأسرع مما نتصور. وأضع ملخص التقرير المذكور في السطور التالية لكي نري مواطن قوتنا وضعفنا والتحديات الموجودة بأعين المؤسسات المتخصصة:

نقاط القوة:
 
يوجد وعاء ضخم من العمالة غير المدربة تدريباً عالياً، وهي تصلح في قطاع الإنشاءات والتعمير.. معدل النمو العمراني مرتفع، وتوجد عمالة متاحة للمشروعات الصناعية كثيفة استخدام العمالة.. تمثل قناة السويس المفتاح الرئيسي للتجارة العالمية البحرية، وهو ما يعني أن الموانئ البحرية لمصر مفتوحة أمام الشركات العالمية، وبنفقات غير مرتفعة، ووقت مثالي.

 
مصر بتعدادها السكاني المرتفع تمثل سوقاً مهماً ومفتوحاً من خلال وسائل الإنترنت، وهو ما يسمح لمؤسسات الأعمال بالوصول إلي قاعدة ضخمة من العملاء.. مصر تقدم بشكل مقبول سوقا قابلا للتعامل معه من قبل المستثمرين الجدد.. النظام الضريبي صار أكثر وضوحاً في الفترة الأخيرة.. معدل الجريمة منخفض نسبياً بالمقارنة للدول الأخري في العالم..  الجيش المصري هو الجيش الأكبر في الشرق الأوسط، ومن أفضلها تسليحاً. وهو ما يعني أن تهديد الأمن المصري من الخارج محدود.

 
أما نقاط الضعف طبقاً للتقرير، فهي تشمل ما يأتي:
انتشار الإضرابات والاعتصامات العمالية علي نحو غير مؤسسي مما يشل نشاط المصانع ويربك سلسلة التوريدات.. صعوبة حصول العمالة الأجنبية المدربة وذات القدرات الفنية العالمية علي تراخيص العمل، علي الرغم من وجود نقص في المهارات التي ينتجها التعليم المصري في السوق المصرية.. عدم كفاية شبكة المرافق مما يؤدي إلي توقف الأعمال والالتزام بالتوريدات، وهو ما يؤدي إلي خسائر ملحوظة في القدرة الإنتاجية.. النقص في وجود بدائل عالية الجودة للنقل البري وشبكة المواصلات، نظراً لتردي حالة خطوط السكك الحديدية، وعدم تطوير شبكة النقل النهريِ، وهو ما يعني إضعاف التجارة الداخلية.

هناك العديد من القيود التي تحيط بفتح أنشطة اقتصادية جديدة أو إنهائها وهو ما يسبب تأخيرا باهظ الثمن للمستثمرين.
انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة نتيجة عدم الاستقرار السياسي.. التهديدات الإرهابية لاتزال ملحوظة وهو ما يرفع من معدل المخاطرة للمصريين والأجانب علي حد سواء.

 
الفرص المتاحة أمام مصر طبقاً للتقرير:
 
الاستثمار البشري - أي الاستثمار في التعليم - من شأنه زيادة قوة العمل المدربة وذات المهارات الفنية المرتفعة علي مدار الوقت.
توجد فرصة عظيمة لنمو سوق العمل بين النساء حيث لايزال معدل تشغيل النساء ضعيفاً.
 
تقوم الحكومة الحالية برئاسة السيسي - علي حد تعبير التقرير - باستثمارات ملحوظة لتحسين شبكة المرافق وخاصة في قطاع توليد الكهرباء، حيث إن انقطاع الكهرباء المتكرر يسبب قلاقل اجتماعية.. موقع مصر كمحور إقليمي في التجارة الدولية في سبيله إلي التحسن مع التوسعات المستمرة في خدمات النقل الجوي بمطار القاهرة الدولي.
 
مصر في موقع متميز لكي تصبح شريكا تجاريا رئيسا مع أوروبا وآسيا نتيجة للدور المحوري لقناة السويس في التجارة العالمية.


يوجد فرص كبيرة للنمو والاستثمار في القطاع المصرفي حيث إن معدلات التمويل لاتزال محدودة..  الإطاحة بالإخوان المسلمين من السلطة أدي بشكل ملحوظ إلي تحسن الوضع الأمني..  التهديدات أو التحديات التي تواجه مناخ الاستثمار والنمو الاقتصادي:


 
توجد مخاطر حقيقية بشأن إمكانية تزايد إضرابات واحتجاجات العمال، والإضرابات المدنية، مما من شأنه التأثير سلباً علي مناخ العمل والاستثمار.. هجرة العقول من مصر أصبحت تمثل خطراً حقيقياً حيث إن العمالة المدربة وأصحاب القدرات المتميزة في هجرة مستمرة إلي خارج البلاد، وهو ما يؤدي إلي عدم توافر كفاءات حقيقية داخل البلاد في المجالات التي تحتاج إلي تخصص فني وإداري.


 
زيادة عدد السيارات الخاصة بشكل مستمر، وعدم توافر بدائل جيدة للمواصلات العامة، وتردي حالة الطرق في المدن الرئيسية؛ يعني المزيد من الازدحام، وتعطل التجارة الداخلية.


تعاظم الفقر المائي من شأنه أن يؤثر سلباً علي نمو القطاع الزراعي، والصناعات التي تعتمد علي الاستهلاك العالي من المياه.


 
المخاطر السياسية أدت إلي فقدان المستهلك للثقة في المستقبل وتناقص معدلات الإقراض، وهو ما يؤثر علي القدرة علي الإنفاق.


 
تزايد الفساد صار من أكثر الاعتبارات التي تعيق المستثمرين الجدد علي الدخول إلي السوق المصري.. الجريمة المنظمة والتنظيمات العصابية تزايدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.. شعبية مصر كمزار سياحي، وأهمية مصر كمحور للتجارة العالمية من خلال قناة السويس يجعل من مصر هدفا جذابا للهجمات الإرهابية.


خلاصة هذا التقرير أن مواطن قوتنا تتمثل بشكل رئيسي في وجود جيش قوي، وممر مائي يمثل شريان التجارة العالمية، وسوق واعدة. أما مواطن الضعف والتحديات فتكمن في تناقص مصادر الطاقة، وتعاظم البيروقراطية، والفساد، وسوء حالة التعليم، ومخاطر الفقر المائي، والعمليات الإرهابية، وتردي البنية الأساسية خاصة شبكات النقل والمواصلات.

قد نتفق أو نختلف علي بعض ما جاء في هذا التقرير، ولكن المهم هو كيف نستفيد من نقاط القوة ونطورها، وكيف نعمل علي إصلاح الخلل الموجود حالياً لتحقيق التنمية.
وللحديث بقية... اللينك

استمع الي مقالي عبر منصة اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم. اللينك 

0 التعليقات:

إرسال تعليق