الخميس، 16 أكتوبر 2014

هل نريد النجاح لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي؟

جريدة الاخبار - 16/10/2014


أتصور أن الهدف من هذا المؤتمر هو حصول مصر علي استثمارات مباشرة حقيقية، وتمويل ضخم لمشروعات تنموية، وذلك من خلال دعوة المؤسسات المالية الدولية وصناديق الاستثمار العالمية والشركات من كافة دول العالم
يأمل  الجميع في أن يكون لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في فبراير 2015 أثرا فعالا في جذب الاستثمار لمصر والمشاركة الدولية في تحقيق التنمية. وحتي لا يتحول المؤتمر إلي «مكلمة»، وحتي لا نفوت فرصاً حقيقيةً للنمو يجب علي الحكومة أن تجاوب علي سؤالين فقط. 

 (1) ما الهدف من إقامة المؤتمر؟

ليس الهدف من المؤتمر مناقشة مشكلات الاستثمار في مصر وكيف تتغلب عليها، وليس مطروحاً أن نناقش معوقات الإصلاح الاقتصادي، ولا خطة الدولة التشريعية، ولا كيف تسعي الدولة إلي تسوية منازعات الاستثمار القائمة، فالفرض أن تكون كافة هذه المشكلات قد حسمت وانتهت قبل موعد المؤتمر، إذا كنا نريد أن يأخذنا العالم مأخذ الجد.

أتصور أن الهدف من هذا المؤتمر هو حصول مصر علي استثمارات مباشرة حقيقية، وتمويل ضخم لمشروعات تنموية، وذلك من خلال دعوة المؤسسات المالية الدولية وصناديق الاستثمار العالمية والشركات من كافة دول العالم للاستثمار وتمويل مشروعات محددة المعالم ذات جدوي اقتصادية واجتماعية للوطن. إن مصر تحتاج إلي تدفقات استثمارية سنوية لا تقل عن عشرين مليار دولار سنوياً علي مدار الخمس سنوات السابقة لرفع معدلات النمو الاقتصادي إلي 7%، ولخفض معدلات البطالة إلي أقل من 9%، وإلي الحد من معدلات الفقر إلي أقل من 25%.

 (2) ما هي الخطوات الواجبة والاستعدادات اللازمة لإنجاح المؤتمر؟

أولاً: الانتهاء من الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة. فأحد المتطلبات الرئيسية للاستثمارات إزالة حالة الغموض السياسي Political Uncertainty. ولا شك أن تكوين مجلس النواب وحكومة مستقرة غير انتقالية فيه دلالة علي تحول مصر من المرحلة الانتقالية إلي مرحلة أكثر استقراراً سياسياً.

ثانياً: الإفصاح عن خريطة الإصلاح الاقتصادي الكاملة بما في ذلك السياسات المالية والضريبية والإصلاح المؤسسي، وملف الطاقة.


ثالثاً: تفعيل المادة (4) من اتفاق صندوق النقد الدولي الخاص بالمساعدات الفنية لمصر من المؤسسات الدولية، والدخول في شراكة جادة مع هذه المؤسسات دون خوف ودون الانصياع إلي أية برامج إصلاحية لا تحقق مصلحة الوطن أو تضر بتحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن يجب عدم الانطواء الدولي ويجب الاستفادة من الخبرات الدولية والمحلية في برامج الإصلاح.

رابعاً: إصدار حزمة واضحة من التشريعات الإصلاحية الضرورية أهمها تعديل قانون الاستثمار الحالي تلغي معه التعددية في ولاية إصدار تراخيص التشغيل ومنح الأراضي، وتطبيق نظام الشباك الواحد بحذافيره، وكذلك تعديل قانون الشركات للسماح بشركات الشخص الواحد، وتطوير قواعد التصفية وتبسيط إجراءات إنشاء الشركات وزيادة رأس المال النقدية، وحل مشاكل التباطؤ الناشئة عن التأخر في الحصول علي الموافقات الأمنية، وتعديل قانون أحكام الإفلاس والصلح الواقي منه، وإصدار قانون تنمية منطقة قناة السويس. القائمة طويلة والتشريعات جاهزة منذ فترة طويلة. المهم أن تعطي الحكومة قبل المؤتمر «أمارة» علي جديتها في تطوير البنية التشريعية اللازمة لتشجيع الاستثمار.


خامساً: حسم منازعات الاستثمار القائمة بين الحكومة والمستثمرين والتي أدت إلي توقف عشرات المشروعات الكبري، وأضفت انطباعاً عاماً خارج مصر علي أننا بلد لا يحترم تعاقداته، وعلينا أن نعترف بأن الكثير من الجهات الحكومية تستسهل إصدار أحكام قضائية وتحكيمية ضدها بدلاً من أن تقوم الجهة بالتسوية الودية، فيقع ممثلوها تحت شبهة التجريم. هل نتوقع أن يؤتي المؤتمر ثماره، ولا تزال عشرات من القضايا معلقة دون حسم.

سادساً: الإعلان عن خريطة استثمارية واضحة للخمس سنوات القادمة. نحن لا نتحدث عن مجرد أفكار لمشروعات، بل مشروعات حقيقية، ولكي يكون المشروع حقيقياً، فإنه يجب أن تكون فكرته واضحة، ومكوناته الفنية محددة، ودراسته الاقتصادية قائمة، وموقعه الجغرافي محدداً ومعروفاً، ومصادر الطاقة وسعرها، وتوصيلات المياه والكهرباء موجودة، وجدوي المشروع الاقتصادية والاجتماعية مدروسة بعناية، ومشروعات الاتفاقيات والعقود والتراخيص تم إعدادها، فلو أن هذه الاشتراطات والمكونات غير موجودة فليس لدينا مشروعات ولا يحزنون، وسنفقد مرة أخري فرصاً حقيقية للاستثمار والتنمية.

سابعاً: إنشاء إطار مؤسسي للتحضير للمؤتمر وما بعده، ولا أتحدث هنا عن الجوانب التنظيمية واللوجستية، وهو أمر في غاية الأهمية، ولكن أتحدث عن التحضير للمشروعات والتنسيق مع الجهات المحلية والدولية، والإعداد للاتفاقات ومتابعة تنفيذ الخطوات السابقة. وأتساءل هل أنشئت لجنة فنية وإدارية دائمة للإعداد للمؤتمر، ومقرراته،  رجاءً لا تضيعوا فرصاً حقيقية لإعادة بناء الوطن. اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك

0 التعليقات:

إرسال تعليق