الخميس، 23 أكتوبر 2014

«الحلول الأمنية وحدها لا تكفي»

جريدة الاخبار - 23/10/2014

إن الحلول الأمنية البحتة تؤدي إلي مزيد من التطرف والتمزق، القضاء علي التطرف يبدأ بتنفيذ سياسات اقتصادية إصلاحية فورية تستهدف التشغيل والحد من البطالة وتخفيض معدلات الفقر


أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلي تحويل كثير من مشاكلنا الصغيرة إلي أزمات هو أننا نتبع ونكرر ذات طريقة التفكير علي مدي سنوات طويلة رغم فشلنا في الوصول إلي حلول لهذه المشكلات.

ونتصور في كل مرة أن إتباع ذات الطريقة سيؤدي إلي نتائج مختلفة. ويسيطر علي تفكير كثير من المسئولين فرض حلول أمنية لمشكلات هي في المقام الأول بعيدة كل البعد عن قدرة الشرطة ولا يجب أن يسند عبء حلها إلي وزارة الداخلية.

والأمثلة علي ذلك لا تنتهي، فأزمة المرور تلقي بالكامل علي عاتق الشرطة علي الرغم  من أن 80% من الحل خارج إطار إدارة المرور. فتخطيط الطرق والكباري وتوسيعها، والمحاور المرورية هو مسئولية هيئة الطرق والكباري ووزارة النقل، انعدام وجود طرق محورية لسيارات النقل ليس مسئولية إدارة المرور، سوء حالة الطرق إلي الدرجة التي تشعر بها أنك في الملاهي أو سباق رالي ليس مشكلة إدارة المرور، انعدام كباري وأنفاق المشاه ليس مسئولية إدارة المرور، عدم استغلال النقل النهري مسئولية وزارة النقل. فلن يصلح حال المرور في مصر حتي ولو كان هناك لجنة عند كل إشارة، فليس هذا هو الحل.
كذلك، التعامل مع أزمة طلاب الجامعات، الجميع اتجه تفكيره إلي الحلول الأمنية، والتأمين الشرطي، ولكن أين دور الجامعات والكليات والحكومة في إقامة حوارات مع الطلاب... أين دور الأحزاب وهو يكاد يكون معدوما، هل تم عقد أية اجتماعات أو حوارات ثقافية... هل تمت أية محاولات جادة من مؤسساتنا التعليمية والثقافية لاحتواء القطاع الأكبر من الشباب وهم ليسوا بإخوان.... أين دور المؤسسات الرياضية، إن الاصطدام مع الأمن، ومحاولة الحل فقط من خلال الأمن ومواجهة المظاهرات لن يؤدي إلي أية نتائج إيجابية... هل لدي الحكومة أية خطة غير أمنية لاستيعاب الشباب في الجامعات ومخاطبة عقولهم وقلوبهم ... للأسف لا؟
أيضاً التقيت مؤخراً بالعديد من المرشحين المستقلين للانتخابات البرلمانية القادمة في كثير من محافظات مصر، والشكوي متكررة بأن هناك تحركات أمنية واسعة، ومحاولات لتشكيل تحالفات، ودعم مرشحين بأعينهم بعضهم من البرلمانيين القدامي سيئ السمعة... ربما يكون هناك قدر من المبالغة في الدور الذي يلعبه الأمن الوطني الآن في تحضير الانتخابات، ولكن من المؤكد هناك دور ما، الدور الأمني لا يجب أن يكون بديلاً للدور السياسي للأحزاب والحكومة إن تعاظم الدور الأمني في العملية السياسية هو خطوة للوراء وانتكاسة سندفع جميعاً الثمن، وربما تؤدي إلي عودة التيارات الدينية بقوة أكثر مما كانت عليه.
إن الحلول الأمنية البحتة تؤدي إلي مزيد من التطرف والتمزق، القضاء علي التطرف يبدأ بتنفيذ سياسات اقتصادية إصلاحية فورية تستهدف التشغيل والحد من البطالة وتخفيض معدلات الفقر، إن الفقر والجهل والإحساس بالظلم وانعدام تكافؤ الفرص هو التربة الخصبة للتطرف فجذور التطرف لا يمكن نزعها إلا من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية فاعلة أري أننا لم نبدأ فيها بجدية بعد، والوقت يداهمنا ... من الخطأ الجسيم أن نلقي تبعة فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية علي عاتق الشرطة، فهذا ليس من مهامها. وقد أدي استنزاف الداخلية في مهام ليست منوطة بها أصلاً إلي ارهاق الشرطة، وسوء حالة الأمن العام إلي حد بعيد . اللينك
استمع الي مقالي عبر اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم . اللينك

0 التعليقات:

إرسال تعليق